الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 مارس 2015

(الطعن 14869 لسنة 65 ق جلسة 11 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 88 ص 688)

  برئاسة محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية سرى صيام ومحمد حسام الدين الغربانى ومحمد شتا واحمد عبد القوى  نواب رئيس المحكمة.
----------------
1 - لما كان الحكم قد عرض للدفاع ببطلان اقرار الطاعن ورد عليه بقوله : فإن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن اقرار المتهم الأول بمحضر جمع الاستلالات كان عن طوعية واختيار  وجاء مطابقاً للحقيقة والواقع ومنزها عن شبهة الاكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه فى قضائها وتطرح ما أثاره الدفاع من قول جاء مرسلاً بلا سند صحيح من أوراق الدعوى ومن ثم تقضى المحكمة برفض هذا الدفع وتلتفت عنه وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أبدى دفعه هذا بعبارة مرسلة ولم يشر إلى نوع الاكراه الذى وقع على الطاعن ولم يسق دليلاً على وقوعه ، ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة فى اطراحة إلى أكثر مما ذكره فى عبارته المجملة.

2 - لما كان المستفاد من نص المادة 35 /2 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذ وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جنائة أو جنحة مما نصت عليه ، جاز لمأمور الضبط القضائى أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة ، وله فى هذه الحالة عملاً بالمادة 29 من القانون المذكور أن يسأل المتهم عن الواقعة فإن نعى الطاعن بشأن الرد على منازعته فى إجراءت الضبط يكون غير سديد.

3 - من المقرر أن الاستجواب المحظور على مأمور الضبط القضائى هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف.

4 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ بأقوال المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع .

5 - للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ماجاء بتحريات الشرطه باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.

6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن بصفته فنياً بجهاز تنمية مدنية ....... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومشرفاً على التنفيذ بالمشروع الذى رصدت له الأدوات المستولى عليها ورد على منازعة الطاعن فى اختصاصه بالعمل موضوع الرشوة بقوله : إن الثابت بالأوراق أن القرار رقم 17 الصادر بتاريخ 21/2/1991 بمسئولية إدارة الأمن عن الحراسة لم تخطر به إدارة الأمن إلا بتاريخ 12/9/1993 أى بعد ارتكاب الواقعة وبقوله : وحيث إنه بشأن ما أثاره الدفاع عن المتهم الأول بأنه حصل على اخلاء طرف بتاريخ 14/9/1993 فإن ذلك لاينفى عن المتهم الأول ارتكابه الواقعة لحصولها فى غضون شهر اغسطس سنة 1993 . فإنه يستقيم بذلك الرد على دفاع الطاعن حول عدم اختصاصه بالعمل المذكور.

7 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يمار أمام محكمة الموضوع فى أنه المقصود بالاتهام والمحاكمة ومن ثم فإن ما وقع فى محضر الجلسة وفى الحكم من خطأ فى ذكر اسمه لايعدو أن يكون خطأ مادياً لايمس سلامة الحكم ويكون نعى الطاعن فى شأنه غير سديد.

8 - لما كانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشى والمرتشى لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذ متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه فى معرض بيانه للواقعة ولأدلة الثبوت أن المتهم الخامس ( الطاعن الثانى ) سعى لدى موظف عمومى هو المتهم الأول ( الطاعن الأول ) واتفق معه على أن يسهل للمتهم الثانى الاستيلاء من موقع عمل الأول على معدات مملوكة لجهة عمله فى مقابل رشوة يحصل عليها المتهم الأول مقدارها حمسمائة جنية عن كل حمولة سيارة من تلك الأدوات وأن يحصل الطاعن فى مقابل سعيه هذا على مبلغ خمسين ومائتى جنيه عن كل حملوة ، وأن جريمتى الرشوة والتسهيل وقعتا نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعى فإن ما أورده الحكم من ذلك تتحقق به العناصر القانونية لهاتين الجريمتين ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور فى هذا الصدد غير سديد .

9 - لما كانت الأدلة فى المواد الجنائية اقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى تثبت لديها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ، وهى غير ملزمة ـ من بعد ـ بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعى مادام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بادانته استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردتها فى حكمها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هى لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده فى وحدته العسكرية وقت الاستيلاء على الأدوات موضوع الدعوى ولم ترد على شهادة تلك الوحدة المقدمة اثباتاً لذلك هذا إلى أن المحكمة لم تسند إلى الطاعن وجوده على مسرح الجريمة وقت الاستيلاء على الأدوات وإنما دانته لاشتراكه فيها بطريق الاتفاق.
----------------
  إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهما اولا : المتهم الاول أ- بصفته موظفا عاما (مشرف فنى بجهاز تنمية مدينة ..... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) طلب وأخذ بواسطة المتهم الثانى مبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة للإخلال بعمل من اعمال وظيفته بأن طلب وأخذ المبلغ المذكور من المتهمين من الثالث للخامس مقابل تسهيله لهم إنتزاع الأشياء المبينة بالأوراق من مكان حفظها بنية إضاعتها على الجهة المالكة لها موضوع التهمة الثانية وذلك على النحو البين بالتحقيقات . ب- بصفته سالفة الذكر سهل للمتهمين من الثانى للخامس الإستيلاء بغير حق على الأشياء المبينة وصفا وقدرا بالأوراق والبالغ قيمتها خمسة وعشرين ألف جنيه والمملوكة لجهة عمله آنفة البيان وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . المتهم الثانى : أولا : توسط بين المتهمين الاول والثالث والرابع والخامس فى إرتكاب جناية الرشوة المسندة إليهم بالوصفين أولا/أ وثانيا على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : إشترك مع المتهمين من الثانى للرابع بطريقى الإتفاق والمساعدة مع المتهم الاول فى إرتكاب جريمة تسهيل الإستيلاء محل الوصف اولا /أ بأن إتفقوا معه على إرتكابها وساعدوه فى ذلك بقيامهم بنقل الأشياء المبينة بالأوراق من مكان حفظها فوقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما الى محكمة  أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2-3 و 41/1 و 103 و 104 و107 و 107 مكررا(1) و 110 و 111/1 و 113/1 و 118 و118مكررا و 119/أ و 119 مكررا/هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 و 32 من القانون عينه - بمعاقبته المتهمين بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة ألفى جنيه لكل منهما عما أسند اليه وبعزل الاول وإلزامه برد مبلغ خمسة عشر ألف جنيه لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة . 
فطعن المحكوم عليه الاول والأستاذ / ...... المحامى نيابة عن المحكوم عليه الثانى فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
-----------------
أولا: الطعن المقدم من........"الطاعن الأول":
من حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الارتشاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط المباحث التي استقاها من تحريات غير جادة وعلى إقرار متهم آخر في حين أن حجية الإقرار قاصرة على من صدر عنه، ولم يوضح الحكم مؤدى كل من تلك الأدلة ومدى اتساقه مع الأدلة الأخرى، كما عول على الإقرار المنسوب للطاعن في محضر جمع الاستدلالات رغم أنه صدر وليد إكراه وتعذيب واستجواب محظور وعلى إثر قبض باطل لحصوله يوم 14/9/1993 قبل استئذان النيابة العامة إذ عدل تاريخ المحضر من 15 إلى 19/9/1993، واعتنق الحكم صورة للواقعة تخالف الواقع والمعقول إذ لم يثبت من الأوراق أن ثمة صلة تربط الطاعن بباقي المتهمين أو أنه حرضهم أو اتفق معهم على سرقة الأدوات المملوكة لجهة عمله، كما أنه لم يكن مختصا بالمحافظة على تلك الأدوات وقت القبض عليه، ولا يتصور أن يقبل رشوة زهيدة في مقابل تسهيل الاستيلاء على أدوات تبلغ قيمتها عدة آلاف من الجنيهات، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن اتفق مع المتهم الثاني - بناء على وساطة من المتهم الخامس (الطاعن الثاني) - على أن يسهل له الاستيلاء على أدوات مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي يعمل بها الطاعن لقاء مبلغ خمسمائة جنيه يحصل عليها الأول في مقابل كل حمولة سيارة يستولي عليها المتهم الثاني، وأنه سهل له الاستيلاء على حمولة سيارتين من موقع العمل الذي يشرف عليه بمدينة ....... وحصل في مقابل ذلك على مبلغ ألف جنيه. وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة استقاها من أقوال ضابط المباحث وتاجرين اشتريا الأدوات المشار إليها ومهندس بالجهة المجني عليها ومن إقرار كل من الطاعن والمتهم الثاني في محضر جمع الاستدلالات. وبعد أن بسط الحكم مضمون أقوال الشهود إقرار كل من المتهمين, عرض للدفع ببطلان إقرار الطاعن ورد عليه بقوله "فإن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن إقرار المتهم الأول بمحضر جمع الاستدلالات كان عن طواعية واختيار وجاء مطابقا للحقيقة والواقع ومنزها عن شبهة الإكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه في قضائها وتطرح ما أثاره الدفاع من قول جاء مرسلا بلا سند صحيح من أوراق الدعوى ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع وتلتفت عنه, وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أبدى دفعه هذا بعبارة مرسلة ولم يشر إلى نوع الإكراه الذي وقع على الطاعن ولم يسق دليلا على وقوعه, ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة في إطراحه إلى أكثر مما ذكره في عبارته المجملة, لما كان ذلك, وكان الحكم قد أطرح منازعة الطاعن في حقيقة تاريخ محضر الضبط باعتباره قولا مرسلا لم يتأيد بدليل يسانده وإن الهدف منه هو مجرد إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته أنه تم ضبط المتهم الثاني بناء على إذن من النيابة العامة واعترف باستيلائه على أموال الجهة التي يعمل بها الطاعن الذي سهل له ذلك الاستيلاء مقابل رشوة تقاضاها، وأن مأمور الضبط القضائي قام أثر ذلك بسؤال الطاعن والتحفظ عليه حتى عرضه على النيابة العامة، وكان المستفاد من نص المادة 35/2 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة مما نصت عليه, جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وله في هذه الحالة عملا بالمادة 29 من القانون المذكور أن يسأل المتهم عن الواقعة, فإن نعي الطاعن بشأن الرد على منازعته في تاريخ الضبط وإجراءاته يكون غير سديد, أما ما يثيره من عدم مشروعية استجوابه بمعرفة مأمور الضبط القضائي فمردود بأن الاستجواب المحظور على مأموري الضبط القضائي هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرا لها أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف, والذي يبين من مراجعة محضر جمع الاستدلالات أن محرره لم يقع في هذا المحظور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع, وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة, فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم في إدانته على أقوال المتهم الثاني في محضر جمع الاستدلالات وعلى تحريات الشرطة يكون غير سديد, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن بصفته فنيا بجهاز تنمية مدينة ... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومشرفا على التنفيذ بالمشروع الذي رصدت له الأدوات المستولى عليها ورد على منازعة الطاعن في اختصاصه بالعمل موضوع الرشوة بقوله "إن الثابت بالأوراق أن القرار رقم 17 الصادر بتاريخ 21/2/1991 بمسئولية إدارة الأمن عن الحراسة لم تخطر به إدارة الأمن إلا بتاريخ 12/9/1993 أي بعد ارتكاب الواقعة, وبقوله "وحيث إنه بشأن ما أثاره الدفاع عن المتهم الأول بأنه حصل على إخلاء طرف بتاريخ 14/9/1993 فإن ذلك لا ينفي عن المتهم الأول ارتكابه الواقعة لحصولها في غضون شهر أغسطس سنة 1993, فإنه يستقيم بذلك الرد على دفاع الطاعن حول عدم اختصاصه بالعمل المذكور. لما كان ما تقدم, وكان باقي ما يثيره الطاعن أن هو إلا جدل موضوعي صرف لا يثار لدى محكمة النقض، فإن طعنه يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: الطعن المقدم من ......"الطاعن الثاني":
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الوساطة في رشوة والاشتراك في تسهيل الاستيلاء على مال عام قد أخطأ في الإسناد وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه أثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حين سئل عن اسمه أجاب بما يطابق ما ورد بالتحقيقات في حين أنه لم يسبق سؤاله فيها, وقد ترتب على ذلك أن أخطأ الحكم في بيان اسم الطاعن. ولم يبسط الحكم مؤدى كل من الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة، ولم يبين الأفعال التي ارتكبها الطاعن بما يحقق عناصر الجريمتين اللتين دانه بهما, وأخذ الطاعن بإقرار المتهمين الأول والثاني - والذي عدلا عنه من بعد - بالرغم من أن حجية الإقرار قاصرة على من صدر عنه, وإذ دفع الطاعن بوجوده في وحدته العسكرية بعيدا عن مسرح الأحداث رد الحكم عليه بما لا يصلح ردا, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يمار أمام محكمة الموضوع في أنه المقصود بالاتهام والمحاكمة, ومن ثم فإن ما وقع في محضر الجلسة وفي الحكم من خطأ في ذكر اسمه لا يعدو أن يكون خطأ ماديا لا يمس سلامة الحكم ويكون نعي الطاعن في شأنه غير سديد. لما كان ذلك, وكانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكررا من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل. وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه في معرض بيانه للواقعة ولأدلة الثبوت أن الطاعن سعى لدى موظف عمومي هو المتهم الأول "الطاعن الأول" واتفق معه على أن يسهل للمتهم الثاني الاستيلاء من موقع عمل الأول على معدات مملوكة لجهة عمله في مقابل رشوة يحصل عليها المتهم الأول مقدارها خمسمائة جنيه عن كل حمولة سيارة من تلك الأدوات وأن يحصل الطاعن في مقابل سعيه هذا على مبلغ خمسين ومائتي جنيه عن كل حمولة, وأن جريمتي الرشوة والتسهيل وقعتا نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك تتحقق به العناصر القانونية لهاتين الجريمتين ويكون منعي الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. وهي غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفادا ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده في وحدته العسكرية وقت الاستيلاء على الأدوات موضوع الدعوى ولم ترد على شهادة تلك الوحدة المقدمة إثباتا لذلك, هذا إلى أن المحكمة لم تسند إلى الطاعن وجوده على مسرح الجريمة وقت الاستيلاء على الأدوات وإنما دانته لاشتراكه فيها بطريق الاتفاق. لما كان ما تقدم, وكان باقي ما أثاره الدفاع مردودا بما سبق من رد على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق