الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 مارس 2015

(الطعن 22509 لسنة 65 ق جلسة 18 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 15 ص 100)

  برئاسة عوض جاد نائب رئيس المحكمة وعضوية حسام عبد الرحيم وسمر أنيس وفتحى الصباغ نواب رئيس المحكمة وفتحى جوده
--------------------
1 - لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا فى شأن عدم إعلانه بالجلسة التى حوكم فيها غيابيا عن هذه الدعوى بتاريخ ..... وأنزل عليه عقابها ، فإنه ليس له من بعد أن يتحدث عما ادعى به من بطلان ذلك الحكم الغيابى لما هو مقرر من القانون من أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع ، ومن ثم لا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، ويضحى الحكم الغيابى صحيحا منتجا لآثاره القانونية .

2 - لما كان يبين من الأطلاع على محضر جلسة المحاكمة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له ، وكان قانون الاجراءات الجنائية فى الفصل الثالث من الباب الثانى من الكتاب الثانى الذى بسط الاجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين قد نص فى المادة 394 على أن لا يسقط الحكم الصادر غيابيا من محكمة الجنايات بمضى المدة ، وإنما يسقط العقوبة المحكوم بها ، ويصبح الحكم نهائيا بسقوطها . ونص فى المادة 395 على أنه إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة ، يبطل حتما الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة ........ ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أن تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضى ثلاثين سنة . وواضح من هذه النصوص أنه مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية ، فإن الحكم الذى يصدر فيها غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة فى مواد الجنايات وهى عشرين سنة ميلادية ، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن لارتكابه جناية وقضت محكمة الجنايات غيابيا فى ..... بمعاقبته بالاشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة - وهو حكم صحيح لابتنائه على إجراءات صحيحة ، وإذ قبض عليه وأعيدت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ ...... بمعاقبته بالاشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ، وذلك قبل انقضاء عشرين سنة من تاريخ صدور الحكم الغيابى السابق صدوره فى حقه عن ذات الدعوى المطروحة ، فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم ، ويكون النعى على الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله .

3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها .

4 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعدت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .

5 - من المقرر أن تناقض الشهود وتضاربهم فى أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه .

6 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضا ومنه مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .

7 - لما كان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع فى الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو فى حقيقة أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة فى الدعوى ، وهو من إطلاقاتها التى لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .

8 - لما كان من المقرر أن من حق المحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فى الجلسة ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات ، وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت ، ولم يعترض الطاعن على مسلك مدافعه ، فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يكون مقبولا .

9 - من المقرر أن دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التى يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقة بغير موجب تراه إذ هو فى حقيقته نفى للتهمة يكفى لرده ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت .

10 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أن أطرحها .

11 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بتناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى تاسيساً على انتفاء التناقض بينهما، وكان البين مما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية إن إصابة المجنى عليه بكسور جسيمة في العمود الفقرى وتهتك بالوريد الكهفى السفلى الأيسر والأمعاء المساريقبا نتجت عن عيار نارى أطلق من الأمام واليسار قليلاً للخلف من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، وكان هذا الذي أورده مطابقاً لما أثبته في تقرير الصفة التشريحية - المرفق بالمفردات المضمومة- والذي أيضاً أثبت وجود آثار نارية بملابس المجنى عليه، فإنه لا يكون ثمة تناقض بين الدليل الفنى والدليل القولى الذي لم يرميه الطاعن بشائبة الخطأ في الإسناد، ومن ثم لا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص.ط

12 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة إلي الضرب المفضى إلي الموت، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلي المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلي الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذا كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها تلك التى أتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مجرد التعديل - على ما أفصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً جريمة الضرب المفضى إلي الموت، لم يكن يقتضى من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التى رفعت بها الدعوى، ومن ثم فإن دعوى البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل.
-----------------
   إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمدا ....... بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . وأحالته الى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات بإعتبار ان الواقعة ضرب أفضى الى الموت . فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
----------------------
  من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والبطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدعوى الجنائية قد أنقضت بمضي المدة إذ أن الطاعن أحيل إلى المحاكمة بتاريخ 22/3/1976، ولم يعلن قانونا بجلسة المحاكمة التي قضي فيها غيابيا بتاريخ 13/11/1977 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما، ولم يتخذ ضده أي إجراء قاطع للتقادم حتى قبض عليه في 31/5/1995 كما اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وأن بعضها سماعية، ودون سماع هؤلاء الشهود في حضرة الطاعن، وإغفال تحقيق دفاعه بأن مرتكب الجريمة شخص آخر هذا ولم يفطن الحكم إلى ما أثبته التقرير الطبي من أن إصابة المجني عليه من دبر في عموده الفقري وهو ما يناقض رواية شهود الإثبات من أن إطلاق النار تم في المواجهة، وأخيرا عدلت المحكمة وصف التهمة من قتل عمد إلى ضرب أفضى إلى الموت دون تنبيه الدفاع، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا في شأن عدم إعلانه بالجلسة التي حوكم فيها غيابيا عن هذه الدعوى بتاريخ 13/11/1977 وأنزل عليه عقابها، فإنه ليس له من بعد أن يتحدث عما أدعى به من بطلان ذلك الحكم الغيابي لما هو مقرر في القانون من أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى الحكم الغيابي صحيحا منتجا لأثاره القانونية، وإذ كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له، وكان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني الذي بسط الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين قد نص في المادة 394 على أن ((لا يسقط الحكم الصادر غيابيا من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة، وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها، ويصبح الحكم نهائيا بسقوطها))، ونص في المادة 395 على أن ((إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتما الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة ......))، ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أن ((تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة، وواضح من هذه النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرين سنة ميلادية، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن لارتكابه جناية وقضت محكمة الجنايات غيابيا في 13/11/1977 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة - وهو حكم صحيح لابتنائه على إجراءات صحيحة كما سلف بيانه - وإذ قبض عليه وأعيدت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ 10/8/1995 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات، وذلك قبل انقضاء عشرين سنة من تاريخ صدور الحكم الغيابي السابق صدوره في حقه عن ذات الدعوى المطروحة، فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله، لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهو متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الطعن الماثل وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن كل ما تقدم، لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من حق المحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات، وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت، ولم يعترض الطاعن على مسلك مدافعه، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولا، لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقه بغير موجب تراه، إذ هو في حقيقته نفي للتهمة يكفي لرده ما ساقته للمحكمة من أدلة الثبوت، وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني تأسيسا على انتفاء التناقض بينهما، وكان البين مما أورده الحكم نقلا عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بكسور جسيمة في العمود الفقري وتهتك بالوريد الكهفي السفلي الأيسر والأمعاء والمساريق نتجت من عيار ناري أطلق من الأمام واليسار قليلا للخلف من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، وكان هذا الذي أورده مطابقا لما أثبت في تقرير الصفة التشريحية - المرفق بالمفردات المضمومة - والذي - أيضا - أثبت وجود آثار نارية بملابس المجني عليه، فإنه لا يكون ثمة تناقض بين الدليل الفني والدليل القولي الذي لم يرميه الطاعن بشائبة الخطأ في الإسناد، ومن ثم لا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها تلك التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل - على ما أفصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة، فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكبا جريمة الضرب المفضي إلى الموت، لم يكن يقتضي من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ثم فإن دعوى البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق