الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 مارس 2015

(الطعن 23905 لسنة 65 ق جلسة 21 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 19 ص 143)

    برئاسة محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية عبد اللطيف على أبو النيل ويحى محمود خليفة ومحمد على رجب نواب رئيس المحكمة .
-----------------
1 - لما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لآن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع الحكومة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقة على واقعة الدعوى . إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل ذات التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى والاستعانة فى ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التى أقيمت بها الدعوى . فإن هذا التغيير يقتضى من المحكمة أن تلتزم فى هذا الصدد بمراعاة الضمانات التى نصت عليها المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية بما توجبه من تنبيه المتهم إلى التغيير فى التهمة ومنحه اجلا لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك .

2 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسندت إلى الطاعنين ارتكاب الغش في تنفيذ عقد النقل وعاقبتهما بالمادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات. وكانت هذه المادة قد نصت على أن "كل من أخل عمداً بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم. أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن ..... ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة. ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم. وكان الواضح من سياق هذا النص أنه يعاقب على نوعين من الجرائم الأول هو الإخلال العمدي في تنفيذ أي من العقود المبينة به على سبيل الحصر وهو يتحقق بالامتناع عن تنفيذ الالتزامات التعاقدية كلها أو بعضها أو تنفيذها على نحو مخالف لنصوص العقد أو قواعد القانون التي تحكمه أو اعتبارات حسن النية التي يلتزم بها المتعاقد. وهذه الجريمة هي التي ربط فيها الشارع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فاشترط الضرر الجسيم ركناً في الجريمة دون ما عداها أما النوع الثاني فهو الغش في تنفيذ هذه العقود وهو ما لم يتطلب فيه الشارع قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب. وأهم تطبيقات الغش - على ما ورد في المذكرة الإيضاحية للنص - الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضائع المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها وعلى الجملة كل الغش في انجاز الأشغال أو الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجربه العرف أو أصول الصناعة. وقد اشترط الشارع بقيام أي من هاتين الجريمتين - وهما الإخلال العمدي في تنفيذ الالتزامات التعاقدية الذي يترتب عليه ضرر جسيم والغش في تنفيذ تلك العقود - أن يقع الإخلال أو الغش في تنفيذ عقد من العقود التي أوردتها المادة على سبيل الحصر وأن يكون التعاقد مرتبطاً به مع إحدى الجهات التي أشارت إليها المادة المذكورة وأن يكون الجاني متعاقداً مع إحدى هذه الجهات أو أن يكون متعاقداً من الباطن أو وكيلاً أو وسيطاً متى كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعله. كما يشترط لقيام هاتين الجريمتين توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلى الإخلال بالعقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك. لما كان ذلك، وكان ما أجرته المحكمة من استناد فعل الغش إلى الطاعنين - الذي لم يرد في أمر الإحالة - لم يعد تعديلاً في وصف التهمة وإنما هو تعديل في ذات التهمة لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى مما كان يقتضي لفت نظر الدفاع ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعاً للافتئات على الضمانات القانونية التي تكفل للطاعنين حق الدفاع عن نفسيهما دفاعاً كاملاً حقيقيا ًلا مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء بعد أن يكون قد أحيطا بالتهمة علماً وصارا على بينة من أمرهما فيها أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد  بني على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع.

3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعنين ارتكبا غشاً في تنفيذ عقد التزام بالنقل باعتبار الأول مقاولاً ومالكاً للسيارة والمقطورة اللتين أورد رقمهما والثاني سائقاً لهما مع المقاول الأصلي المتعاقد مع شركة ...... لنقل المواد البترولية إلى وكلاء الشركة بالاستيلاء على جزء من تلك المواد البترولية باحتجازه في جيب سحري بخزان تلك السيارة والمقطورة بعد تفريغ حمولتها قاما بتركيبهما لهذا الغرض ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنين وأورد أنهما أخلا عمداً بإدخال الغش في تنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليهما عقد نقل ارتبط به المقاول ....... مع شركة ..... لنقل الرسائل إلى وكلاء الشركة حال كون الأول متعاقد معه من الباطن والثاني وكيل عن الأول بأن قاما بالاستيلاء على جزء من المواد البترولية القائمين بنقلها......... ولما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين للفعل الذي دان الطاعنين بارتكابه ولصفة الطاعن الثاني ودوره في الجريمة - وهي مناط التأثيم - يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى. فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه.

4 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائى ركن من أركان الجريمة فيتعين أن يكون ثبوته فعلياً، فد كان على الحكم أن يستظهر صفة الطاعن الثانى والأفعال التى ارتكبها وتعد إخلالاً بتنفيذ الإلتزام أو غشاً ويستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب الجريمة وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً واضحاً يكشف عن قيامها وذللك من واقع الدعوى وظروفها. ولا يكفى في ذلك ما أورده في معرض استخلاصه إدانة الطاعنين بأن الثانى وكيل عن الأول دون أن يقيم الدليل على ذلك وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى التى أوردها وعول عليها في قضائه مما يدل يقيناً على توافر هذه الصفة. كما لا يكفى في ذلك أيضاً ما سطره الحكم في معرض رده على دفاع هذا الطاعن من أنه والطاعن الأول كان يتداولان ركوب العربة بمقطورتها إذ أن ذلك لا يفيد في ذاته أن الطاعن الثانى ساهم في إقامة الخزانين السحريين أو علم بوجودهما أو أنه ساهم في اقتراف الجريمة - وهو ما لم يدلل الحكم على توافره في حقه ومن ثم فإن الحكم يكون قاصر البيان. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلي بحث باقى أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين أو بحث الطعن المقدمة من النيابة العامة التى تنعى فيه على الحكم مالخطأ في تطبيق القانون إذ أغفل القضاء بالغرامة التى تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة فلا موجب لبحث هذا الخطأ القانونى. ذلك أن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون.

5 - لما كان الحكم المطعون فيه معيباً لقصوره وإخلاله بحق الدفاع فإن هذه المحكمة لا تملك التعرض لما تردى فيه الحكم من خطأ في القانون إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضى بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعنين.
-------------------
   إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أخلا عمدا فى تنفيذ بعض الإلتزامات التى يفرضها عليهما عقد نقل إرتبط به المقاول ........ مع شركة ......  لنقل الرسائل إلى وكلاء الشركة حال كون الأول متعاقدا معه من الباطن والثانى وكيلا عن الأول بأن قاما بالإستيلاء على جزء من المواد البترولية القائمين بنقلها وذلك عقب تفريغها عن طريق إحتجازها داخل حاجزين سحريين داخل السيارة رقم ..... نقل دقهلية قاما بتركيبهما لهذا الغرض وأحالتهما الى محكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 116 مكررا/ج من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات بإعتبار أن الجريمة غش فى تنفيذ عقد نقل . 
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
--------------
  من حيث إن ما ينعاه الطاعنان - المحكوم عليهما - على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة الغش في تنفيذ عقد نقل أرتبط به آخر مع الشركة المجني عليها قد أنطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة دانتهما بجريمة الغش في تنفيذ عقد النقل بدلا من تهمة الإخلال العمدي في تنفيذ الالتزامات التي يفرضها هذا العقد التي وجهتها إليهما النيابة العامة وجرت المرافعة على أساسها دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني القائم على أنه مجرد سائق للسيارة بصفة مؤقتة، وأطرح دفعه بانتفاء علمه بوجود الحاجزين اللذين وقع الغش بواسطتهما في السيارة ومقصورتها بما لا يسيغ إطراحه، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى على الطاعنين بوصف أنهما "أخلا عمدا في تنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليهما عقد نقل أرتبط به المقاول...... مع شركة...... لنقل الرسائل إلى وكلاء الشركة حال كون الأول متعاقدا معه من الباطن والثاني وكيلا عن الأول بأن قاما بالاستيلاء على جزء من المواد البترولية القائمين بنقلها وذلك عقب تفريغها عن طريق احتجازها داخل حاجزين سحريين داخل السيارة رقم...... نقل دقهلية قام بتركيبهما لهذا الغرض" وبعد أن أورد الحكم أن الضرر الجسيم ليس وحده الذي تقوم عليه الجريمة وأن الضرر شرط للعقاب وأن المشرع جرم الغش في تنفيذ العقد ما دام لا يمكن تحديد الضرر الذي لحق بالشركة المتعاقد معها، وأن الطاعنين بوصف أنهما "أخلا عمدا بإدخال الغش في تنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليهما عقد نقل أرتبط به المقاول...... مع شركة........ حالة كون الطاعن الأول متعاقد معه من الباطن والثاني وكيلا عن الأول، الأمر المنطبق على المادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات"، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديلها متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى، إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل ذات التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة أن تلتزم في هذا الصدد بمراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما توجبه من تنبيه المتهم إلى التغيير في التهمة ومنحه أجلا لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسندت إلى الطاعنين ارتكاب الغش في تنفيذ عقد النقل وعاقبتهما بالمادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة قد نصت على أن "كل من أخل عمدا بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة أرتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن.... ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعا إلى فعلهم"، وكان الواضح من سياق هذا النص أنه يعاقب على نوعين من الجرائم الأول هو الإخلال العمدي في تنفيذ أي من العقود المبينة به على سبيل الحصر وهو يتحقق بالامتناع عن تنفيذ الالتزامات التعاقدية كلها أو بعضها أو تنفيذها على نحو مخالف لنصوص العقد أو قواعد القانون التي تحكمه أو اعتبارات حسن النية التي يلتزم بها المتعاقد، وهذه الجريمة هي التي ربط فيها الشارع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فاشترط الضرر الجسيم ركنا في الجريمة دون ما عداها أما النوع الثاني فهو الغش في تنفيذ هذه العقود وهو ما لم يتطلب فيه الشارع قدرا معينا من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب، وأهم تطبيقات الغش - على ما ورد في المذكرة الإيضاحية للنص - الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضائع المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها وعلى الجملة كل الغش في إنجاز الأشغال أو في الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجريه العرف أو أصول الصناعة، وقد اشترط الشارع لقيام أي من هاتين الجريمتين - وهما الإخلال العمدي في تنفيذ الالتزامات التعاقدية الذي يترتب عليه ضرر جسيم والغش في تنفيذ تلك العقود - أن يقع الإخلال أو الغش في تنفيذ عقد من العقود التي أوردتها المادة على سبيل الحصر وأن يكون التعاقد مرتبطا به مع إحدى الجهات التي أشارت إليها المادة المذكورة وأن يكون الجاني متعاقدا مع إحدى هذه الجهات أو أن يكون متعاقدا من الباطن أو وكيلا أو وسيطا متى كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعا إلى فعله، كما يشترط لقيام هاتين الجريمتين توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلى الإخلال بالعقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك، لما كان ما تقدم، وكان ما أجرته المحكمة من إسناد فعل الغش إلى الطاعنين - الذي لم يرد في أمر الإحالة - لا يعد تعديلا في وصف التهمة وإنما هو تعديل في ذات التهمة لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى مما كان يقتضي لفت نظر الدفاع ومنحه أجلا لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعا للافتئات على الضمانات القانونية التي تكفل للطاعنين حق الدفاع عن نفسيهما دفاعا كاملا حقيقيا لا مبتورا ولا شكليا أمام سلطة القضاء بعد أن يكونا قد أحيطا بالتهمة علما وصارا على بينة من أمرهما فيها أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع، هذا إلى أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعنين ارتكبا غشا في تنفيذ عقد التزام بالنقل باعتبار الأول مقاولا من الباطن ومالكا للسيارة والمقطورة اللتين أورد رقمهما والثاني سائقا لهما مع المقاول الأصلي المتعاقد مع شركة ...... لنقل المواد البترولية إلى وكلاء الشركة بالاستيلاء على جزء من تلك المواد البترولية باحتجازه في جيب سحري بخزان تلك السيارة والمقطورة بعد تفريغ حمولتها قاما بتركيبها لهذا الغرض ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنين وأورد أنهما "أخلا عمدا بإدخال الغش في تنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليهما عقد نقل أرتبط به المقاول....... مع شركة ....... لنقل الرسائل إلى وكلاء الشركة حال كون الأول متعاقد معه من الباطن والثاني وكيل عن الأول بأن قاما بالاستيلاء على جزء من المواد البترولية القائمين بنقلها....."، لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين للفعل الذي دان الطاعنين بارتكابه ولصفة الطاعن الثاني ودوره في الجريمة - وهي مناط التأثيم - يدل على اختلاف فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى، فضلا عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضا في بيان الواقعة تناقضا يعيب ويوجب نقضه، وفضلا عن ذلك فإنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني أقام دفاعه على أنه مجرد سائق للسيارة بصفة مؤقتة وأن سائقا آخرا كان يقوم بقيادتها قبله ونفى مسئوليته عن وضع الخزان السحري بها، وكان يشترط لإدانة الطاعن الثاني بالجريمة التي دانه الحكم المطعون فيه بها أن يثبت أنه متعاقد من الباطن أو وكيل أو وسيط وأن يكون الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعا إلى فعله، ولما كان من المقرر أن القصد الجنائي ركن من أركان الجريمة فيتعين أن يكون ثبوته فعليا، فقد كان على الحكم أن يستظهر صفة الطاعن الثاني والأفعال التي ارتكبها وتعد إخلالا بتنفيذ الالتزام أو غشا ويستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب الجريمة وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانا واضحا يكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، ولا يكفي في ذلك ما أورده في معرض استخلاصه إدانة الطاعنين بأن الثاني وكيل عن الأول دون أن يقيم الدليل على ذلك وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى التي أوردها وعول عليها في قضائه مما يدل يقينا على توافر هذه الصفة، كما لا يكفي في ذلك أيضا ما سطره الحكم في معرض رده على دفاع هذا الطاعن من أنه والطاعن الأول كانا يتداولان ركوب العربة بمقطورتها إذ أن ذلك لا يفيد في ذاته أن الطاعن الثاني ساهم في إقامة الخزانين السحريين أو علم بوجودهما أو أنه ساهم في اقتراف الجريمة - وهو ما لم يدلل الحكم على توافره في حقه ومن ثم فإن الحكم يكون قاصر البيان، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين أو بحث الطعن المقدم من النيابة العامة الذي تنعى فيه على الحكم الخطأ في تطبيق القانون إذ أغفل القضاء بالغرامة التي تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، فلا موجب لبحث هذا الخطأ القانوني، ذلك أن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون، ولما كان الحكم المطعون فيه معيبا لقصوره وإخلاله بحق الدفاع فإن هذه المحكمة لا تملك التعرض لما تردى فيه الحكم من خطأ في القانون إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق