الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 مارس 2015

(الطعن 4266 لسنة 64 ق جلسة 16 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ق 58 ص 451)

 برئاسة نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية حسن حمزه وحامد عبد الله ومصطفى كامل وفتحى حجاب نواب رئيس المحكمة.
-----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وهو مندوب صرف بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية اتفق مع المتهم الثانى وهو أمين عهدة بمخزن سنترال .... التابع لذات الهيئة على اختلاس مائتى عدة تليفون مملوكة لهذه الهيئة يختص الطاعن باستلامها والثانى بتوريدها إلى المخزن عهدته وذلك بتزوير المستندات اللازمة للصرف ، فحرر أولهما بالاتفاق مع الثانى ايصالاً بصرف مائتى عدة تليفون وبعد اعتماده من جميع المختصين ثم عدل الرقم إلى أربعمائة عدة تليفون . ثم حرر بعلم الثانى أيضاً استمارة الصرف بالرقم المزور وتسملها من المخازن فعلاً ونقل مائتين منها وأودعها بمخزن سنترال ...... بينما نقل المتهم الثانى الباقى وقدره مائتى عدة تليفون قيمتها 5635 جنيهاً بسيارة أخرى وتصرف فيها بالبيع واقتسما المبلغ ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجريمة التى دان الطاعن بها ، ثم أورد على ثبوتها فى حقة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات ، وما ثبت من تقارير قسم أبحاث التزييف بمصلحة الطب الشرعى والمعمل الجنائى ومكتب خبراء وزارة العدل . وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل ـ على النحو السالف ذكره ـ على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن والمحكوم عليه الآخر ـ بناء على ما أورده من أدلة وشواهد سائغة وأثبت فى حقهما أنهما تصرفا فى العدد التليفونية البالغ عددها مائتى عدة تليفونية، والمسلمة إليهما بسبب وظيفتيهما على اعتبار أنها مملوكة لهما ، فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هى معرفة فى القانون بركنيها المادى والمعنوى لما هو مقرر من أن الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف فى المال المعهود إليه تصرف المالك بنية إضاعته عليه ، وهو ما أثبته الحكم فى حق الطاعن بغير معقب فأن المجادلة فيه لا تصح.

2 - لما كان ما يقوله الطاعن خاصاً بعدم مسئوليته عن الجريمة لتعرضه للخداع من رئيسه المتهم الثانى الذى أثبت الحكم أنه المختلس ، هذا القول مردوداً بأن فعل الاختلاس الذى أسند إليه ودئنه المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لايشفع للطاعن فيما يدعية من عدم مسئوليته بل إن إقدامه على ارتكاب هذا الفعل يجعله اسوة بالمتهم الثانى فى الجريمة . وفضلاً عن ذلك فالذى يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع حتى تستطيع التثبت من حقيقة الصلة التى تربطه بالمتهم الثانى بصفة هذا الأخير رئيساً له كما يقول ، فإنه لاتقبل منه إثارة ذلك الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .

3 - من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لاتستأهل رداً طالما كان عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى ساقها الحكم .

4 - من المقرر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لدية على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبة فى كل جزئية من جزئيات دفاعه الموضوعى . لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ولايعدو أن يكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد من أن يكون منازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى ولايخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لايجوز إثارته أمام محكمة النقض .

5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفاع ببطلان اعتراف الطاعن للإكراه الواقع عليه ، ورد عليه بقوله ، وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف بمحضر الضبط وفى تحقيق النيابة العامة على سند أنه وليد إكراه ، وإذ كان هذا القول جاء مرسلاً لايسانده الدليل ، ومن ثم يكون إقرار المتهم الأول الوارد بمحضر الضبط والاعتراف الذى أدلى به فى تحقيق النيابة وليد إرادة حرة ، وهو ما اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به مع بقية أدلة الإثبات الأخرى ركيزة لقضائها وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث فى صحة ما يدعية المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ـ على السياق المتقدم ـ قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول ـ مع ما يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن ـ إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه ، وأفصح عن اطمئنانه الى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد برىء من أية شائبة فى هذا الخصوص.

6 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها، وهى حرة فى تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة . واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها . مادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانه الطاعن لما نسب إليه فإن قضاء الحكم ببراءة المتهم الثالث استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى إقراره المثبت بمحضر الضبط وتحقيق النيابة ، لايتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن أخذاً بإقراره بالتهمة فى محضر ضبط الواقعة وبالتحقيقات والذى تأيد بأدلة أخرى أثبتها الحكم ووثق بها ، وهى أقوال شهود الإثبات ، وإقرار المتهم الثانى وما ثبت من التقارير الفنية ، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص لايكون سديداُ .

7 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اقتصر على الدفاع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وانتفاء حالة التلبس ، ولم يذكر شيئاً عن بطلان تصريحه بإجراء هذا التفتيش ، ومن ثم فلا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، مادامت مدونات الحكم لاتحمل مقوماته ، لأنه من الدفوع القانونية التى تختلط بالواقع ، وتقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به .

8 - من المقرر أنه كان لا يجدى الطاعن النعى على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضى بها مقررة فى القانون لجريمة الاختلاس بظروفها المشدد باعتباره من الأمناء على الودائع والتى ليست محلاً للطعن ، مما تنتفى معه مصلحة الطاعن فيما أثاره بشأن جريمة التزوير واستعمال المحرر المزور 
--------------------
  إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم اولا : الطاعن وآخر (1) بصفتيهما موظفين عامين الاول مندوب صرف مخزن سنترال .....  التابع للهيئة .... والآخر أمين عهدة ذلك المخزن إختلسا مالا عاما وجد فى حيازتهما بسبب وظيفتهما بأن إختلسا أجهزة التليفون المملوكة للهيئة آنفة البيان والمبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 5635 خمسة آلاف وستمائة وخمسة وثلاثين جنيها حالة كونهما من الأمناء على الودائع وسلمت لهما بتلك الصفة . وقد إرتبطت هذه الجريمة بجريمتى تزوير محرر رسمى وإستعماله إرتباطا لا يقبل التجزئة على النحو الموضح بالتهمتين الثانية والثالثة . (2) بصفتيهما الوظيفية سالفة الذكر : إشتركا بطريقى الإتفاق والمساعدة فى إرتكاب تزوير فى محررات رسمية بطريق تغيير المحررات وذلك بأن إتفقا على تزوير الإيصال المؤقت رقم 6هـ والاستمارة 111 ع.ح الصادرين من سنترال......  وساعد الآخر الطاعن فى ذلك بأن قدم اليه المحررين سالفى البيان . فأجرى تغيير بياناتهما بزيادة الكميات الثابتة فيهما فوقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . (3) إستعملا المحررين المزورين سالفى الذكر مع علمهما بتزويرهما بأن قدماهما للمختصين بجهة علمهما وصرفا بموجبهما الكميات محل الإختلاس المتقدم بيانه فى التهمة الأولى . ثانيا: المتهم الطاعن أيضا : بصفته سالفة البيان إختلس مالا عاما وجد فى حيازته بسبب وظيفته بأن إختلس المهمات المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 7066.569 سبعة آلاف وستة وستين جنيها وخمسمائة وتسعة وستين مليما . والمملوكة للهيئة آنفة البيان حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلمت له بهذه الصفة. وأحالته الى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 44 و 122/أ وب و 118 و 119/أ و 211 و 212 و 214 من قانون والعقوبات مع تطبيق المواد 17 و 30 و 32/2 و من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 5635 جنيها وألزمته مع المتهم الآخر متضامنين برد مبلغ 5635جنيها ومصادرة المحرر المزور المضبوط وبعزلهما من وظيفتهما وألزمتهما بالمصروفات الجنائية   وذلك عن التهم الأولى والثانية والثالثة وببراءته من تهمة  إختلاس المهمات البالغ  قيمتها 7066.569 جنيه . 
فطعن الأستاذ /...... المحامى نيابة عن المحكوم عليه الاول فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
---------------------
     حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس حالة كونه من الأمناء على الودائع والمرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال محرر مزور قد شابه القصور في التسبيب, والفساد في الاستدلال والتناقض, ذلك بأنه عاقبه عن جريمة الاختلاس رغم ما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - الذي لم تأخذ به محكمة الموضوع - من عدم وجود تزوير في المحررين اللذين نسب إليه تزويرهما. وعول الحكم في إثبات جريمة التزوير على أقوال الشاهدة الأولى رغم مخالفتها للتقرير الفني المستمد من تقرير المعمل الجنائي من انتفاء العبث بهذين المحررين واستخلص من التقريرين الفنيين أن الطاعن هو الذي قام بالتزوير، وهو استخلاص غير سائغ، وأن الواقعة في حقيقتها مجرد إهمال من الطاعن بعد أن تعرض للخداع من رئيسه المتهم الثاني الذي أُثبت الحكم المطعون فيه أنه هو الذي اختلس الأجهزة موضوع الاتهام، هذا إلى أن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه بالتحقيقات لأنه وليد إكراه وقع عليه, إلا أن الحكم عول على هذا الاعتراف مع أن الطاعن عدل عنه ورد على هذا الدفع ردا قاصرا ورغم قضائه ببراءة المتهم الثالث في الدعوى استنادا إلى أن اعترافه كان نتيجة إكراه, وأطرح الحكم الدفع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن على سند من رضائه بالتفتيش حال أن هذا الرضاء كان تحت تأثير الإكراه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وهو مندوب صرف بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية اتفق مع المتهم الثاني وهو أمين عهدة بمخزن سنترال......التابع لذات الهيئة على اختلاس مائتي عدة تليفون مملوكة لهذه الهيئة يختص الطاعن باستلامها والثاني بتوريدها إلى المخزن عهدته وذلك بتزوير المستندات اللازمة للصرف. فحرر أولهما بالاتفاق مع  الثاني إيصالا بصرف مائتي عدة تليفون وبعد اعتماده من جميع المختصين ثم عدل الرقم إلى أربعمائة عدة تليفون، ثم حرر بعلم الثاني أيضا استمارة الصرف بالرقم المزور, وتسلمها من المخازن فعلا ونقل مائتين منها وأودعها بمخزن سنترال............ بينما نقل المتهم الثاني الباقي مائتي عدة تليفون قيمتها 5635 جنيها بسيارة أخرى وتصرف فيها بالبيع واقتسما المبلغ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، ثم أورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات, وما ثبت من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي والمعمل الجنائي ومكتب خبراء وزارة العدل, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل - على النحو السالف ذكره - على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن والمحكوم عليه الآخر - بناء على ما أورده من أدلة وشواهد سائغة, وأثبت في حقهما أنهما تصرفا في العدد التليفونية البالغ عددها مائتي عدة تليفونية، والمسلمة إليهما بسبب وظيفتيهما على اعتبار أنها مملوكة لهما, فإن ذلك حسبه بيانا لجناية الاختلاس كما هي معرفة في القانون بركنيها المادي والمعنوي لما هو مقرر من أن الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك بنية إضاعته عليه, وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن بغير معقب، فإن المجادلة فيه لا تصح، كما أن ما يقوله الطاعن خاصا بعدم مسئوليته عن الجريمة لتعرضه للخداع من رئيسه المتهم الثاني الذي أثبت الحكم أنه المختلس، هذا القول مردودا بأن فعل الاختلاس الذي أسند إليه ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لا يشفع للطاعن فيما يدعيه من عدم مسئوليته، بل إن إقدامه على ارتكاب هذا الفعل يجعله أسوة بالمتهم الثاني في الجريمة, وفضلا عن ذلك، فالذي يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع حتى تستطيع التثبت من حقيقة الصلة التي تربطه بالمتهم الثاني بصفة هذا الأخير رئيسا له كما يقول, فإنه لا تقبل منه إثارة ذلك الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك, وكان نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم إذ أن بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه الموضوعي، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ولا يعدو أن يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد من أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى ولا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن للإكراه الواقع عليه, ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف بمحضر الضبط وفي تحقيق النيابة العامة على سند أنه وليد إكراه وإذ كان هذا القول جاء مرسلا لا يسانده الدليل, ومن ثم يكون إقرار المتهم الأول الوارد بمحضر الضبط والاعتراف الذي أدلى به في تحقيق النيابة وليد إرادة حرة, وهو ما اطمأنت إليه المحكمة, وأخذت به مع بقية أدلة الإثبات الأخرى ركيزة لقضائها" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك, متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع, وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها، البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول - مع ما يبين من الإطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن - إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه, وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة. واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر. دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها، ما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إدانة الطاعن لما نسب إليه فإن قضاء الحكم ببراءة المتهم الثالث استنادا إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى إقراره المثبت بمحضر الضبط وتحقيق النيابة, لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن أخذا بإقراره بالتهمة في محضر ضبط الواقعة وبالتحقيقات والذي تأيد بأدلة أخرى أثبتها الحكم ووثق بها، وهي أقوال شهود الإثبات، وإقرار للمتهم الثاني وما ثبت من التقارير الفنية, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان البين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اقتصر على الدفع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وانتفاء حالة التلبس، ولم يذكر شيئا عن بطلان تصريحه بإجراء هذا التفتيش, ومن ثم فلا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض, ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته, لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع, وتقتضي تحقيقا موضوعيا مما لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها مقررة في القانون لجريمة الاختلاس بظرفها المشدد باعتباره من الأمناء على الودائع والتي ليست محلا للطعن, مما تنتفي معه مصلحة الطاعن فيما أثاره بشأن جريمة التزوير واستعمال المحرر المزور. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق