الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 مارس 2015

الطعن 5412 لسنة 67 ق جلسة 18 / 4 / 1999 مكتب فني 50 ق 52 ص 216

 برئاسة السيد المستشار / سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / البشري الشوربجي وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة وإيهاب عبد المطلب
--------------
1 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها , وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى , ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق , ولها أصلها في الأوراق.

2 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب , وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والى ما جاء بتقرير الأدلة الجنائية , فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ومنازعته في الصورة التي استقرت في يقين المحكمة للواقعة وقوله أن لها صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع, ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

3 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه, فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.

4 - من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقا خاصا.

5 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة, ويكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.

6 - لما كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه, فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها, وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو التوكيل الخاص رقم ........ لسنة 1991 ج واستعماله اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها , فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة من فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله واطرح دفاع الطاعن القائم على عدم توافر الركن المادي في الواقعة بما يسوغ إطراحه, ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.

7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب, ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة ما دام قد حصل أقوالهم بما لا خلاف فيه ولم يورد هذه التفصيلات ولم يستند إليها في تكوين عقيدته إذ عدم إيراد هذه التفصيلات يفيد إطراحها, ومن ثم فإن ما يثيره بشأن تناقض أقوال المجني عليه وتعارضها مع تقرير المعمل الجنائي وتحريات الشرطة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.

9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به, دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها ردا صريحا , فقضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها , ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.

10 - من المقرر بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها متعلق بالنظام العام وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة متى أبدى لها أن تتحرى حقيقة الواقع في شأنه.

11 - من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملا بالمادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه في أي وقت بالنظر إلى طبيعته الإدارية البحتة وفرق بين هذا الأمر الإداري وبين الأمر القضائي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادرة من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجرى تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها على ما تقضى به المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى. لما كان ذلك , وكان البين من الإطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن -إن المجني عليه كان قد أقام جنحة مباشرة قبل المتهم - الطاعن - يتهمه فيه بالتزوير في أوراق رسمية وقد قضى فيها بجلسة ..... بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها والتي أمرت بحفظها إداريا دون أن تجري تحقيقا أو تندب لذلك أحد رجال الضبط القضائي, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول, ولا على الحكم المطعون فيه أن هو التفت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن باعتباره دفعا قانونيا ظاهر البطلان ويكون المنعى في هذه الحالة على غير أساس.

12 -  لما كان الطاعن يذهب في أسباب طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد - بين ما اعتمد عليه - في الإدانة على قرينه المصلحة والتي لا تصلح أساسا للإدانة, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهذا المنعى ولو يكن للقول بقرينة المصلحة تأثير في قضائه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.

13 - لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بأسباب طعنه من أنه دانه عن جريمة الاستعمال دون أن يدلل على ركن العلم بالتزوير, ما دامت العقوبة التي أنزلها به هي العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة التزوير في أوراق رسمية التي أوقعها عليه الحكم عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعاه في هذا الشق من المنعى غير سديد.
-----------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أ) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع آخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ....... الموثق بالشهر العقاري بــ ....... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل الخاص رقم "......... لسنة 1992 ج" حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفق مع المجهول على المثول أمام الموظف السالف الذكر زاعماً أنه ........ فأثبت الموثق بياناته في المحرر سالف الذكر ودفتر التصديق ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً للمجني عليه تفيد صدور التوكيل إليه من الأخير للمتهم على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. (ب) استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بذلك بأن قدمه إلى شركة ..... بـ...... للاعتداد به وإنتاج آثاره. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ........ مدنياً قبل المتهم بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ثانياً, ثالثاً, 41, 211, 212, 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17, 32 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المحرر المزور وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ.
-----------------
  من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه - في مذكرتي أسبابه - أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم اعتنق صورة للواقعة غير الصورة الصحيحة إذ أن لها صورة أخرى لأنه لم يحصل من المجني عليه سوى على صورة بطاقته الشخصية وفي وقت لاحق على إصدار التوكيل المنسوب إليه ارتكاب التزوير به ودلالة ذلك ما قرره الشاهد....... وأن حقيقة الواقعة أن المجني عليه هو الذي سلمه التوكيل محل الاتهام بحضور شاهدين أسماهما كما أن التوكيل وحده لا يكفي لنقل ملكية المحل وأن باقي مستندات نقل الملكية سلمها له المجني عليه وقد تناقضت أقوال المجني عليه مع الشهود، كما رد الحكم - بما لا يسوغ - على ما دفع به من انتفاء الركن المادي للجريمة المنسوبة إليه لخلو الأوراق من ثمة دليل على اشتراكه في التزوير، وأن الحكم المطعون فيه عول في الإدانة على أدلة الإثبات التي أوردها معرضا عن أقوال شاهدي النفي كما أن هذه الأدلة - ومنها أقوال المجني عليه - لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها إذ جاءت أقواله - أي الأخير - متناقضة مع تقرير المعمل الجنائي وتحريات الشرطة، كما لم يرد الحكم على دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة تحقيق النيابة العامة في الواقعة وحفظها، وأن الحكم قد اعتمد في الإدانة على قرينة المصلحة والتي لا تصلح أساسا للإدانة، كما أنه دانه عن جريمة الاستعمال دون أن يدلل على ركن العلم بالتزوير، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود وهم......... والرائد....... ومما ثبت من تقرير الأدلة الجنائية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وأورد مضمون كل منها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وحاصل ما أورده الحكم أن الواقعة "تخلص في أن المتهم....... اشترك وآخر مجهول في تزوير التوكيل الخاص رقم...... لسنة 1992 ج وذلك بأن اتفق معه وأمده بالبيانات الخاصة بالمجني عليه وأن المجهول توجه إلى مكتب الشهر العقاري بـ...... وزعم أمام المختص بأنه المجني عليه وأدلى ببيانات الأخير الثابتة ببطاقته الشخصية، وأثبت بالتوكيل - على خلاف الحقيقة أحقية المتهم - الطاعن - في بيع المحل المملوك للمجني عليه بمدينة ...... والتوقيع على عقد البيع لنفسه أو للغير والتنازل عن الرخصة الخاصة به وعداد الإنارة والمياه والتوقيع بذلك أمام الشهر العقاري والسجل التجاري، وبعد ذلك قام المتهم باستعمال أصل ذلك التوكيل رغم علمه بتزويره وقدمه إلى شركة....... للاعتداد بما دون به". لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وإلى ما جاء بتقرير الأدلة الجنائية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ومنازعته في الصورة التي استقرت في يقين المحكمة للواقعة وقوله إن لها صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقا خاصا، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو التوكيل الخاص رقم..... لسنة 1992 ج واستعماله اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله وأطرح دفاع الطاعن القائم على عدم توافر الركن المادي في الواقعة بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه وانتهى إلى ثبوت الاتهام قبل الطاعن، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغا في العقل ومقبولا، كما أن من المقرر أنه لا يعيب الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة مادام قد حصل أقوالهم بما لا خلاف فيه ولم يورد هذه التفصيلات ولم يستند إليها في تكوين عقيدته إذ عدم إيراد هذه التفصيلات يفيد إطراحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال المجني عليه وتعارضها مع تقرير المعمل الجنائي وتحريات الشرطة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها ردا صريحا، فقضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الطاعن يثير بوجه طعنه أن المجني عليه سبق وأبلغ النيابة العامة عن ذات الواقعة وتم حفظها وقد أثار دفاعه هذا الدفع بمحضر جلسة المحاكمة إلا أن المحكمة لم تورده أو ترد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها متعلق بالنظام العام وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة متى أبدي لها أن تتحرى حقيقة الواقع في شأنه، وكان من المقرر أيضا أن الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملا بالمادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه في أي وقت بالنظر إلى طبيعته الإدارية البحت وفرق بين هذا الأمر الإداري وبين الأمر القضائي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجرى تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها على ما تقضي به المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى, لما كان ذلك, وكان البين من الإطلاع على المفردات ـ التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن ـ أن المجني عليه كان قد أقام جنحة مباشرة قبل المتهم ـ الطاعن ـ يتهمه فيها بالتزوير في أوراق رسمية وقد قضى فيها بجلسة...... بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها والتي أمرت بحفظها إداريا دون أن تجري تحقيقا أو تندب لذلك أحد رجال الضبط القضائي, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول, ولا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن باعتباره دفعا قانونيا ظاهر البطلان ويكون المنعى في هذه الحالة على غير أساس. لما كان ذلك, وكان الطاعن يذهب في أسباب طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد ـ بين ما اعتمد عليه ـ في الإدانة على قرينة المصلحة والتي لا تصلح أساسا للإدانة, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهذا المنعى ولم يكن للقول بقرينة المصلحة تأثير في قضائه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد, لما كان ذلك, وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه من أنه دانه عن جريمة الاستعمال دون أن يدلل على ركن العلم بالتزوير, ما دامت العقوبة التي أنزلها به هي العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة التزوير في أوراق رسمية التي أوقعها عليه الحكم عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعاه في هذا الشق من المنعى غير سديد, لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يتعين معه رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق