الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 نوفمبر 2017

الطعن 5264 لسنة 80 ق جلسة 18 / 9 / 2011 مكتب فني 62 ق 41 ص 232

جلسة 18 من سبتمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عبد العظيم ، سعيد فنجري ، صفوت أحمد عبدالحميد وعصمت عبد المعوض نواب رئيس المحكمة .
--------------
(41)
الطعن 5264 لسنة 80 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
     بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة على ثبوتها في حقه . لا قصور.
 (2) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره ". دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " " الدفع ببطلان إذن التسجيل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
     تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش . موضوعي . أثر ذلك؟
     مثال لتسبيب سائغ في التدليل على جريمة طلب وأخذ رشوة ورد على دفع ببطلان الإذن بالتسجيل والتفتيش لعدم جدية التحريات .
(3) إجراءات " إجراءات التحريز " . دفوع " الدفع ببطلان إجراءات التحريز " . قانون " تفسيره " .
     القصد من إجراءات التحريز في المواد أرقام 55 ، 56 ، 57 إجراءات . تنظيم العمل للمحافظة على الدليل . لم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً. اطمئنان المحكمة إلى سلامة إجراءات التحريز . أثره؟
(4) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل ".
     تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . رد المحكمة على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء . غير لازم . علة ذلك ؟
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان إجراءات التحريز " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . نيابة عامة.
     نعى الطاعن بأن النيابة العامة قامت بفض الأحراز في غيبته . تعييباً للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
     المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
     الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . أثره : جواز التفات المحكمة عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(7) إثبات" اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الاعتراف " . إكراه .
  الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقديرها .
     تقدير ما إذا كان الاعتراف انتزع بطريق الإكراه . موضوعي .
     احتجاز المتهم بمبنى تابع للرقابة الإدارية . لا يعد إكراها . لصدور قرار وزير الداخلية رقم 13578 لسنة 2003 المعدل باعتبار المباني المحددة به من الأماكن المرخص قانوناً بإيداع المتهمين فيها.
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
     التناقض الذي يعيب الحكم : ماهيته ؟
     خطأ الحكم في مكان تواجد الطاعن الأول . خطأ مادي. لا أثر له في النتيجة .
 (9) حكم " بيانات حكم الإدانة " "تسبيبه . تسبيب غير معيب".
   اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها . واجب . أساس ومفاد ذلك ؟
(10) تزوير " الطعن بالتزوير " دفاع" الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره " .
     النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق بشأن الطعن بالتزوير. غير مقبول .
 (11) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
     تجزئة محكمة الموضوع للدليل . جائز . لها أن تأخذ من الدليل بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . المنازعة في ذلك . جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(12) اختصاص" الاختصاص المكاني " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
     عدم جواز إثارة الطاعن للدفع بعدم اختصاص محكمة الموضوع مكانياً بنظر الدعوى أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام . علة ذلك ؟
(13) رشوة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي .
     القصد الجنائي في جريمة الرشوة . توافره ؟
     مثال سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي بجريمة الرشوة .
 (14) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
     استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
(15) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
     وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
     الأخذ بشهادة شاهد . مفاده ؟
   تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً .
 (16) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
     للمحكمة أن تأخذ بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
 (17) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
     وجه الطعن . يتعين أن يكون واضحاً محدداً .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال ... واعتراف كل من ... وما ثبت بالتسجيلات الصوتية التي استمعت إليها النيابة العامة وتفريغ الشرائط ، وما قرره خبير الأصوات ، ومن مشاهدة المحكمة لوقائع اللقاءات المسجلة التي تمت بين المتهمين والتي عرضت بالجلسة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها .
2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التسجيل والتفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الإذن بالتسجيل والتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
3ــــ من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المـــواد 55 ، 56 ، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان محكمة الموضوع إلى سلامة الدليل ، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة عولت ضمن ما عولت عليه على التسجيلات التي دارت بين الطاعن وبين المتهمين وقد اطمأنت المحكمة إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد منها ، كما أن الدفاع عن الطاعن لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إليها على نحو معين .
4ــــ من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- من المقرر أن النعي بأن النيابة العامة قامت بفض الأحراز في غيبته وحضور ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة فلا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفي ارتكابه لجريمة الرشوة بما يضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
7ــــ من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكانت المحكمة فيما أوردته في ردها على دفاع الطاعن في هذا الشأن قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان طواعية واختياراً ، ولم يكن نتيجة إكراه مادى أو معنوي واقتنعت بصحته ، فإن رد الحكم على ما دفع به المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد يكون كافياً وسائغاً ويضحى عليه النعي في هذا الخصوص غير قويم ، هذا إلى أنه – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب الطعن قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 13578 لسنة 2003 م المعدل بالقرار رقم 18877 لسنة 2004 م باعتبار المباني المحددة بالقرار والتابعة لهيئة الرقابة الإدارية من الأماكن المرخص قانوناً بإيداع المتهمين فيها ، وذلك في القضايا التي يتم ضبطها بمعرفة الهيئة.
8- من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وكان الحكم المطعون فيه وإن أخطأ في إحدى فقراته بأن أسند إلى الطاعن الأول تواجده بفندق ... عند تسلمه لمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه بدلاً من الطاعن الثاني الذي أسند إليه تلك الواقعة في باقي مدوناته ، فإن هذا الأمر لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها ولا يقدح في سلامته ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول .
9ــــ لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن الأول بها ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانته في بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب .
10- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بشأن الطعن بالتزوير الذى يدعيه ولم يطلب إجراء تحقيق في شأنه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أماما.
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة الدليل فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على مقارفة الطاعن لجريمة الرشوة تدليلاً سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق واعتنق صورة واحدة لكيفية وقوعها لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً في الأوراق ، فإنه لا على الحكم إن هو اجتزأ من أقوال ... و... ما اطمأن إليه – بفرض صحة ما يدعيه الطاعن بمذكرة أسباب الطعن – وأطرح ما لم يطمئن إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12ــــ لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكانى بنظر الدعوى وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفى هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن الثاني من أن ضبطه تم في محل إقامته بدائرة محافظة ... وليس في دائرة اختصاص قسم شرطة ... بمحافظة ... التي تقع في اختصاص محكمة الموضوع ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها .
13ــــ من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته ، وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن الطاعنين طلبا وأخذا لنفسيهما من المتهمين الثالثة والرابع مبلغاً من المال تنفيذاً لاتفاق سابق لقاء تخفيض ديون التفليسة المستحقة على والد المتهمة الثالثة ، وهو ما يتحقق به معنى الاتجار في الوظيفة ، ويتوافر به القصد الجنائي ، كما هو معرف به في القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له
14ــــ من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق .
15ــــ من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ، ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة ومؤدى أقوال شهود الإثبات بدعوى عدم صدقهم وتناقض أقوالهم وأنها لا تؤدى إلى ثبوت الجريمة في حقهما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفى حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
16- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بالتحريات ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ــــ كما هو الحال في الحكم المطعون فيه ــــ ويكون ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا محل له .
17- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعنان لم يكشفا بمذكرتي أسباب الطعن عن أوجه الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قولهما مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من ... في قضية الجناية رقم ... بأنهم في : أولاً : المتهم الأول : بصفته في حكم الموظف العام وكيل الدائنين في الدعوى رقم ... لسنة ... إفلاس طلب وأخذ لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهمة الثالثة بوساطة المتهم الرابع مبلغ سبعمائة ألف جنيه أخذ منه مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل الرشوة – مقابل إعادة تحقيق الديون المستحقة على والد المتهمة الثالثة والمشهر إفلاسه في تلك الدعوى وتمكين المتهم الرابع من سداد المديونية المستحقة عليها ، وذلك بالمخالفة للإجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن . ثانياً : المتهم الثاني : بصفته في حكم الموظف العام " وكيل الدائنين في الدعوى رقم ... لسنة ... إفلاس ... " طلب وأخذ لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهمة الثالثة بوساطة المتهمين الرابع والخامس مبلغ مليون جنيه وأخذ منه مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إعادة تحقيق الديون المستحقة على والد المتهمة الثالثة والمشهر إفلاسه في تلك الدعوى وتمكين المتهم الرابع من سداد المديونية المستحقة عليها وذلك بالمخالفة للإجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن . ثالثاً : المتهمة الثالثة : 1 – قدمت رشوة لمن هو في حكم الموظف العام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدمت للمتهم الأول المبلغ المالي موضوع الاتهام المبين بالبند أولاً ، 2 – قدمت وعدا بعطية لمن هو في حكم الموظف العام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدمت للمتهم الأول وعدا بدفع مبلغ ستمائة وسبعين ألف جنيه على سبيل الرشوة موضوع الاتهام بالبند أولاً ، 3 – قدمت رشوة لمن هو في حكم الموظف العام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدمت للمتهم الثاني المبلغ المالي موضوع الاتهام المبين بالبند ثانياً ، 4 ــ قدمت وعداً بعطية لمن هو في حكم الموظف العام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدمت للمتهم الأول وعدا بدفع مبلغ تسعمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه على سبيل الرشوة . رابعاً : المتهم الرابع : توسط في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً على النحو المبين بالتحقيقات . خامساً : المتهمين الرابع والخامس : توسطا في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند ثانياً على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103 ، 104 ، 104 ، 110 ، 111 /3 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 107 مكرر و17 من قانون العقوبات بمعاقبتهم أولاً : للمتهم الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه عما أسند إليهما ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط ، وبإعفاء باقي المتهمين من العقاب . فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني بطريق النقض .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
 وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الرشوة شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن الطاعن الأول دفع ببطلان الإذنين الصادرين من النيابة العامة بإجراء التسجيلات والضبط والتفتيش وما ترتب عليهما لابتنائهما على تحريات قاصرة وغير جدية لتضمينها – على خلاف الحقيقة – تقصيره في أداء عمله وعرقلته لإجراءات إنهاء التفليسة ، وثبوت مراقبة تليفونه قبل الإذن وبطلان إجراءات تحريز أشرطة التسجيلات ، ومن ثم بطلان الدليل المستمد منها للعبث بالأحراز بدلالة اختلاف عدد أشرطة الفيديو التي أرسلها خبير الإذاعة عما تم تحريزه ، وخلو جميع الأشرطة من توقيع وكيل النيابة ، وتكرار المحادثات في تقرير تفريغ الأشرطة الصوتية ، وعدم سماع صوت شريطي الفيديو ، ومحو بعض العبارات التي قالها الطاعن والتي تنفى القصد الجنائي لديه ، وفض الأحراز بمعرفة النيابة العامة أثناء التحقيق في غيبته وحضور ضابط الواقعة ، وقدم أربع حوافظ حوت عدة مستندات مؤيدة لدفاعه ، إلا أن الحكم رد على الدفع الأول وأطرحه بما لا يسوغ ، وأغفل الدفع الثاني إيراداً له ورداً عليه ، والتفت عن المستندات التي قدمها ، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافات المتهمين المقضي بإعفائهم من العقاب لصدورها تحت تأثير إكراه معنوي تمثل في إيداعهم سجن بمبنى هيئة الرقابة الإدارية لم يصدر بإنشائه قرار من وزير الداخلية وتناقض الحكم في أسبابه حين أسند للطاعن الأول في موضع منه تقاضى مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه بفندق ... ، ثم عاد في موضع آخر وأسند ذات الواقعة للطاعن الثاني ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانة الطاعن الأول بطريقة وافية ووجه استدلاله بها على ثبوت التهمة في حقه وتمسك الطاعن الأول بالطعن بالتزوير على أشرطة الفيديو المرئية والأشرطة السماعية ، إلا أن الحكم أعرض عن هذا الدفاع ولم يرد عليه ، وأعرض عن رواية أخرى للمتهمين ... والمقضي بإعفائهما من العقاب - تنفي الجريمة عن الطاعن الأول ، كما وأن الحكم صدر على الطاعن الثاني من محكمة غير مختصة ، إذ إن الجريمة وقعت بدائرة محافظة ... وتم ضبطه بمحل إقامته بدائرة محافظة ... وأن الواقعة لا تشكل جريمة الرشوة لعدم توافر القصد الجنائي لعدم إخلال الطاعنين بواجبات وظيفتهما التي تخضع لرقابة قاضى التفليسة ، وعول الحكم في قضائه بإدانة الطاعنين على أقوال المتهمين المقضي بإعفائهم من العقوبة وجميعهم لهم مصلحة في الإضرار به ، وأقوال الشاهد مأمون سعد قمره رغم أنه لم يثبت منها طلبه أو تقاضيه مبالغ مالية على سبيل الرشوة ، وأقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية رغم ثبوت عدم سماعه حوار الطاعن مع جلسائه ، وخلو التسجيلات من صوت مسموع يؤكد حدوث الجريمة ، وعدم تبينه كنه اللفافة التي زعم استلام الطاعن لها ، وتناقضه مع باقي الشهود والتسجيلات بشأن الاحتفاظ بها ، وعدم ضبطه آنذاك في حالة تلبس مما يؤكد عدم صدق أقواله ، وتساند في إدانة الطاعن الثاني إلى التحريات رغم عدم جديتها وأنها لا تصلح دليلاً على الإدانة ، والتفت الحكم إيراداً ورداً عن الدفوع التي أبداها الطاعنان بالمذكرات المكتوبة ، مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال ... وما ثبت بالتسجيلات الصوتية التي استمعت إليها النيابة العامة وتفريغ الشرائط ، وما قرره خبير الأصوات ومن مشاهدة المحكمة لوقائع اللقاءات المسجلة التي تمت بين المتهمين والتي عرضت بالجلسة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التسجيل والتفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الإذن بالتسجيل والتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 ، 56 ، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان محكمة الموضوع إلى سلامة الدليل ، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة عولت ضمن ما عولت عليه على التسجيلات التي دارت بين الطاعن وبين المتهمين وقد اطمأنت المحكمة إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد منها ، كما أن الدفاع عن الطاعن لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إليها على نحو معين ، هذا إلى أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن النيابة العامة قامت بفض الأحراز في غيبته وحضور ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة فلا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفى ارتكابه لجريمة الرشوة بما يضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكانت المحكمة فيما أوردته في ردها على دفاع الطاعن فى هذا الشأن قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان طواعية واختياراً ، ولم يكن نتيجة إكراه مادى أو معنوي واقتنعت بصحته ، فإن رد الحكم على ما دفع به المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد يكون كافياً وسائغاً ويضحى عليه النعي في هذا الخصوص غير قويم ، هذا إلى أنه – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب الطعن قد صدر قرار وزير الداخلية رقم ... لسنة ... م المعدل بالقرار رقم ... لسنة ... م باعتبار المباني المحددة بالقرار والتابعة لهيئة الرقابة الإدارية من الأماكن المرخص قانوناً بإيداع المتهمين فيها ، وذلك في القضايا التي يتم ضبطها بمعرفة الهيئة لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أخطأ في إحدى فقراته بأن أسند إلى الطاعن الأول تواجده بفندق ... عند تسلمه لمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه بدلاً من الطاعن الثاني الذى أسند إليه تلك الواقعة في باقي مدوناته ، فإن هذا الأمر لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها ولا يقدح في سلامته ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن الأول بها ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانته في بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بشأن الطعن بالتزوير الذي يدعيه ولم يطلب إجراء تحقيق في شأنه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أماما. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة الدليل فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على مقارفة الطاعن لجريمة الرشوة تدليلاً سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق واعتنق صورة واحدة لكيفية وقوعها لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً في الأوراق ، فإنه لا على الحكم إن هو اجتزأ من أقوال ... و... ما اطمأن إليه - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن بمذكرة أسباب الطعن - وأطرح ما لم يطمئن إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى ، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفى هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن الثاني من أن ضبطه تم في محل إقامته بدائرة محافظة ... وليس في دائرة اختصاص قسم شرطة ... بمحافظة ... التي تقع في اختصاص محكمة الموضوع ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته ، وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن الطاعنين طلبا وأخذا لنفسيهما من المتهمين الثالثة والرابع مبلغاً من المال تنفيذاً لاتفاق سابق لقاء تخفيض ديون التفليسة المستحقة على والد المتهمة الثالثة ، وهو ما يتحقق به معنى الاتجار في الوظيفة ، ويتوافر به القصد الجنائي ، كما هو معرف به في القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ، ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة ومؤدى أقوال شهود الإثبات بدعوى عدم صدقهم وتناقض أقوالهم وأنها لا تؤدى إلى ثبوت الجريمة في حقهما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفى حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بالتحريات ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - ويكون ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعنان لم يكشفا بمذكرتي أسباب الطعن عن أوجه الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قولهما مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق