الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 592 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1/ 1989 مكتب فني 40 ق 5 ص 49

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.

-----------------

(5)
الطعن رقم 592 لسنة 58 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(2) قتل عمد. سبق إصرار. نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
سبق الإصرار. ماهيته وشرط توافره في حق الجاني؟
مثال لقضاء لمحكمة النقض بالإدانة في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.

-----------------
1 - من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
2 - من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" وتوجه إليه في المكان الذي أيقن وجوده فيه وأطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات قنا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة....... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة........ لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن واقعات الدعوى تتحصل في أنه في يوم..... أبلغ..... مدير مخازن شبكات كهرباء مصر العليا الشرطة بقتل شيخ الخفراء......... بمكان عمله بمخازن الشبكة نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه، وقد تبين من المعاينة أن المجني عليه قتل داخل الكشك المعد لمبيت الخفراء وعثر بمكان الحادث على مقذوفات لأعيرة نارية إلى جوار السرير الذي كان المجني عليه ينام فوقه، واتضح أن مرتكب الحادث هو المتهم الخفير...... لوجود خلافات سابقة بينه وبين شيخ الخفراء المجني عليه بسبب العمل، وأجرى بشأنها تحقيق إداري مما أثار حفيظة المتهم فبيت النية وأصر على الانتقام من شيخ الخفراء وأعد بندقيته المرخصة وترقب المجني عليه حتى نام في الكشك المخصص له وفتح بابه وأطلق عليه الرصاص أثناء نومه فوق سريره قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ومن حيث إن الواقعة - على الصورة المبينة فيما سبق - قد تحقق وقوعها من أقوال كل من...... و....... و........ و....... ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح ومن التحريات فقد شهد الخفير...... أنه تسلم نوبة الحراسة عصر يوم...... ومعه كل من الخفراء، المتهم....... و....... و....... ووقعوا بالحضور أمام شيخ الخفراء المجني عليه وقبيل فجر يوم...... صحا على صوت أعيرة نارية وأبصر المتهم خارجاً من الكشك الذي كان المجني عليه نائماً بداخله - يحمل بندقيته وتوعده وزميله........ بالإيذاء أن باحا لأحد بأمره. وشهد الخفير....... أنه تسلم نوبة الحراسة في الموقع مع زملائه وبعد انتهاء نوبة حراسته نام وزميله....... في مصلى مجاورة للكشك المخصص لمبيت شيخ الخفراء المجني عليه وسمع صوت أعيرة نارية - قبيل الفجر - وأبصر المتهم داخل الكشك يشد أجزاء البندقية وأمره بالصمت ثم ولى هارباً وشهد...... أنه تسلم والمتهم نوبة الحراسة بعد منتصف ليلة الحادث من زميله الشاهدين السابقين، وقبيل الفجر فوجئ بالمتهم يقتحم الكشك الذي ينام فيه شيخ الخفراء المجني عليه وسمع أصوات أعيرة نارية خرج المتهم على أثرها من الكشك مهرولاً وهدده وزملاءه بالإيذاء إن فضحوا أمره، وشهد...... أنه أبلغ بالحادث وأضاف أن ثمة خلافاًًًً بين المتهم والمجني عليه إذ حرر الثاني مذكرة للإدارة نسب فيها للأول الإهمال في الحراسة. وشهد....... المحامي بهيئة كهرباء مصر بنجع حمادي أنه أحيلت إليه مذكرة مقدمة بتاريخ....... من شيخ الخفراء المجني عليه ضد المتهم وقد قرر المجني عليه أنه لاحظ أنه قد دونت كلمة "غياب" قرين اسمه في دفتر الحضور والانصراف....... وأنه تبين له أن الخفير المتهم هو الذي دونها وأنه كثير الشغب وقد ردد رئيس المخازن...... ما قرره شيخ الخفراء وطلب نقل المتهم إلى موقع آخر وقد امتنع المتهم عن الإدلاء بأقواله في التحقيق الإداري. وشهد........ أمين المخازن بإدارة شبكات الكهرباء بنجع حمادي أنه بعد أن علم بالحادث توجه إلى مكانه ووجد المجني عليه مقتولاً نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه وأن الخفير........ أنبأه أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه وأضاف الشاهد أنه علم أن ثمة خلافاً بينهما بسبب العمل وأن المجني عليه قدم مذكرة ضد المتهم لإدارة الشئون القانونية وتم التحقيق فيها وقد تبين من تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه بالوجه والصدر حدثت نتيجة أعيرة نارية أطلقت من سلاح ناري مششخن وأن الوفاة حدثت من صدمة عصبية شديدة نتيجة كسور بقاع الجمجمة والوجنتين والعمود الفقري وفقرات العنق وتهتكات الرئتين والأوعية الدموية الكبرى للقلب وتهتكات الكبد والكلية اليمنى وكسور الضلوع وتبين من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية أن المظروف الفارغ المضبوط بمكان الحادث عيار 7.92 مم وهو نفس عيار بندقية المتهم المضبوطة كما تبين أن المقذوفات الثلاث الأخرى والمضبوطة داخل الكشك تستخدم في الأسلحة النارية المششخنة عيار 7.92 مم وقد دلت تحريات الشرطة على أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه بدافع الانتقام لأنه أبلغ ضده أنه كان قد عبث في مدونات دفتر الحضور والانصراف ولأنه قرر في التحقيق الإداري أن المتهم مشاغب وغير منتظم في أداء عمله وأنه أبلغ ضده من بعد أن رفض استلام نوبة خدمته مما أثار المتهم فبيت النية على التخلص من غريمه بقتله.
ومن حيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه، وقد شرح المدافع عنه ظروف الدعوى وقال إن أقوال الشهود جاءت متأخرة وأنهم لم يشهدوا واقعة قتل المجني عليه وأن أقوالهم قد تضاربت وأن سلاح المتهم المرخص لم يستخدم في تاريخ معاصر لوقوع الحادث إذ الثابت من تقرير الأدلة الجنائية أن بداخل ماسورته طبقة من الصدأ وأنه يتعذر تحديد وقت إطلاق النار منها.
ومن حيث إنه تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن تحديد وقت استعمال السلاح فقد قررت هذه المحكمة استدعاء خبير فحص الأسلحة والطلقات بإدارة المعمل الجنائي وسؤاله عما تمسك به الدفاع في شأن المدة اللازمة لتكون طبقة الصدأ داخل ماسورة السلاح. وقد قرر الخبير المقدم....... أن المدة اللازمة لتراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح الناري تختلف باختلاف الظروف الجوية ودقة التحريز وإحكام غلق فوهة السلاح وأجزائه المتحركة وأن وضع الماء داخل الماسورة بقصد إخفاء معالم إطلاق النار من شأنه أن يعجل بتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة وانتهى إلى أنه يتعذر - من الناحية الفنية - تحديد المدة اللازمة لتكون الصدأ داخل ماسورة السلاح وأنه من الجائز أن تتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة خلال فترة شهرين من تاريخ إطلاقه.
ومن حيث إن المحكمة وبما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تطمئن إلى أقوال الشهود ولا ترى فيما آثاره الدفاع في شأن أقوالهم مما ينال منها أو يحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، كما تطمئن المحكمة إلى الدليل الفني المستمد من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية "إدارة المعمل الجنائي" الذي تم بتاريخ...... في شأن فحص بندقية المتهم والذي أبان بأنها صالحة للاستعمال وأنه سبق إطلاق الظرف الفارغ وأنه من عيار السلاح المضبوط ولا ترى المحكمة فيما ورد في التقرير ذاته أن هناك صدأ داخل ماسورة السلاح ولا ما أثاره الدفاع من أن ذلك يحول دون القتل إن السلاح المضبوط هو الذي استخدم في ارتكاب الحادث ذلك بأن الثابت من أقوال خبير السلاح المقدم....... الذي تطمئن المحكمة إلى أقواله أن المدة اللازمة لتكون الصدأ تختلف باختلاف الظروف الجوية وطريقة التحريز ومدى إحكامه وأن صب الماء داخل الماسورة - لإخفاء معالم الجريمة - من شأنه أن يعجل بظهور طبقة الصدأ وأنه من الجائز تراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح خلال شهرين - وهي المدة التي انقضت بين وقوع الحادث وفحص السلاح المضبوط - وبالتالي فإن دفاع المتهم في هذا الشأن لا يؤثر في عقيدة المحكمة واقتناعها أن السلاح المضبوط والخاص بالمتهم هو الذي استخدم في القتل ولا يشكك في أقوال الشهود بعد أن أطمأنت المحكمة إليها وبالتالي فإن المحكمة تطرح دفاع المتهم جانباً.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإنه يكون الثابت يقيناً أن المتهم...... في يوم...... بدائرة مركز نجع حمادي محافظة قنا: قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وصمم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً - بندقية ميزر - وتوجه إليه في المكان الذي أيقن بوجوده فيه بعد أن استغرق في النوم وأطلق عليه عدة أعيرة نارية فأحدثت به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ويتعين لذلك عقابه بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات - وترى المحكمة نظراً لظروف الدعوى وملابساتها أن تأخذه بقسط من الرأفة في الحدود التي تجيزها المادة 17 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المتهم قد استخدم السلاح المضبوط في قتل المجني عليه فإن المحكمة تقضي بمصادرته برغم أنه مرخص له باستعماله وذلك عملاً بنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فترى المحكمة إلزام المتهم بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق